لقد اختلفت الروايات بشأن مبايعة احمد بن سعيد بالإمامة فابن رزيق لم يحدد تاريخا للإمامة وان كان يفهم من كتاباته أن عام 1154هـ / 1741م هو العام الذي بدأ فيه احمد بن سعيد صراعه مع الفرس ولذا فقد اعتبر ابن رزيق أن ذلك بداية عملية لاختياره إماما بينما مؤرخ مهم كالسالمي اعتبر العام 1158هـ /1744م هو العام الذي بويع فيه أحمد بن سعيد إماماً، وعموما فان رواية السالمي هي الأقرب إلى المنطق على إعتبار انه اعتبر العام الذي تم فيه طرد الفرس من عُمان ونجاح احمد بن سعيد في التخلص من بلعرب بن حمير وهو نفس العام الذي تمت فيه مبايعة احمد بن سعيد.
لقد أدرك احمد بن سعيد منذ الوهلة الأولى أهمية عودة الوحدة الوطنية، لذا فقد بذل جهدا فائقا مما مكنه من أن يعيد لعُمان وحدتها وهيأ لها أن تلعب دورا هاما في تاريخ الخليج خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر.
وإذا كان الإمام احمد بن سعيد قد برز في تاريخ عُمان الحديث كمؤسس لدولة البوسعيد إلا أن المعلومات الخاصة بحياته قبل سطوع نجمه تؤكد انه كان تاجراً أمينا صادقا مهابا ينحدر من أسرة عربية أصيلة يعمل معظم أفرادها بالتجارة وقد تميز بجرأة نادرة وشجاعة فائقة لفتت إليه الأنظار مما مكنة من الوصول إلى ولاية صحار كوال من قبل اليعاربة.
ولاشك أن الدور الذي قام به في تثبيت دعـائم الحكم قد استغرق منه الكثير من الجهد ولعل ابرز المشاكل التي واجهته في مستهل عهده ثورات اليعاربة ضده بسبب فقدانهم الحكم ثم تمرد بعض القـــبائل في منطقة الظاهرة ألا أن احمد بن سعيد استخدم أسلوب القوة حينا واللين في كثير من الأحيان كما عمد إلى أسلوب المصاهرة بهدف التقرب مع القبائل المناوئة له. كما عني بتوثيق علاقات الجوار مع القبائل العربية القاطنة في جنوب فارس ومنطقة عربستان وتحالف مع قبائل بني كعب عند شط العرب ونهر القارون وتوطدت علاقاته مع قبائل بني معن القاطنة بالقرب من بندر عباس مما حال دون نجاح كريم خان الزندي في السيطرة على تلك المناطق.
وامتدت علاقاته إلى الهند حيث ساعد شاه علم إمبراطور المغول في الهند وعاونه في حربه ضد القراصنة الذين كانوا يعوقون التجارة بين مانجالور في ساحل الهند الغربية وبين مسقط وتوجت هذه العلاقة بإبرام معاهدة 1766م التي نصت على استمرار علاقات الصداقة وإنشاء دار في مسقط لمبعوث الحاكم المغولي الذي أصبح يعرف ببيت نواب.
ويمكن القول أن البلاد شهدت ولأول مرة بعد أكثر من عشرين عاما نوعا من السلطة المركزية بعد أن تمكن من توحيد القبائل المتناحرة وبادر باتخاذ الإجراءات الكفيلة بترسيخ قواعد الدولة وإعداد قوات مسلحة تتناسب والتحديات التي تواجهها عُمان. ثم قيامه بتحديث الأنشطة الاقتصادية وامتلك أسطولا حربيا وتجاريا وفي عهده حافظت مسقط على مكانتها كإحدى أهم المدن التجارية في المنطقة وغدا ميناؤها من أهم الموانئ التجارية التي ترتاده السفن الأوربية.
لقد واصلت عُمان في عهد الإمام أحمد بن سعيد ترسيخ مكانتها وهيبتها الأمر الذي مهد للسلطات الهولندية والانجليزية الاعتراف بالسيادة العُمانية على كثير من شواطئ الخليج والمحيط الهندي بفضل فطنة وذكاء احمد بن سعيد الذي استمال إليه أبناء وطنه واتسم بالتسامح في تعامله مع الأجانب وامتد نفوذه إلى شرق إفريقيا، ويعترف رسيو Risso أن عُمان هي الدولة الوحيدة التي استفادت من انحدار تجارة بندر عباس وتدهور أوضاع الأوربيين في الخليج خلال النصف الثاني من القرن الثامن عشر
وعلى الرغم من تصارع القوى الأوربية في الخليج فان أحمد بن سعيد راح يتطلع إلى تحقيق المصالح العُمانية بما لا يتعارض مع التنافس الدولي. وعليه يمكن القول انه إذا كانت دولة اليعاربة قد وصفت بأنها (دولة بحرية حربية) فمن المناسب وصف دولة البوسعيد بأنها (دولة بحرية تجارية).
وإذا كان احمد بن سعيد قد نجح في طرد الفرس من عُمان فأنه نجح أيضا في التغلب على المشاكل الناجمة عن الحرب الأهلية العُمانية وتحقق له الولاء من جانب العُمانيين الذين اجمعوا على مبايعته إماما تقديرا للدور الذي لعبه في تحرير عُمان.
والثابت أن أوضاع عُمان عند ظهور أحمد بن سعيد تشبه إلى حد كبيرا أوضاعها عند قيام دولة اليعاربة فبينما تصدى ناصر بن مرشد لأنصار التجزئة في الوقت الذي كان يخوض فيه حربا ضارية على السواحل العُمانية ضد البرتغاليين كذلك فعل احمد ابن سعيد في بداية عهده ففي الوقت الذي اخذ يتصدى فيه لبعض القبائل التي رفعت راية العصيان كان يخوض حربا ضارية ضد المعتدين الفرس، وكلما تحقق الانتصار على الجبهة الداخلية كلما انعكس ذلك ايجابياً على الصراع العُماني الفارسي.
وبمجرد أن فرغ أحمد بن سعيد من تحرير بلاده بادر على الفور باتخاذ العديد من الإجراءات التي من شأنها أن تكفل ترسيخ قواعد الدولة في عُمان.
وتجمع المصادر العربية والأوربية على أن الثمانين عاماً الأولى من حكم البوسعيديين تتميز بالازدهار الشديد وهناك عوامل عديدة ساعدت العُمانيين على الانفراد بدور رائد تأتي في مقدمتها المهارة والخبرة الملاحية والتجارية حيث اكتسب العُمانيون رصيداً ضخماً من التجربة تعد محصلة للأحداث التاريخية والموقع الجغرافي والتراث العُماني، ثم الاستقرار الذي شهدته عُمان وتمتعت به الموانئ العُمانية في الوقت الذي سادت فيه الفوضى وعم الاضطراب أغلب موانئ الخليج، ثم تأتي شخصية أحمد بن سعيد الذي تميز بدرجة كبيرة من الانضباط والحسم والقدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، إضافة إلى احترام القوى الأوربية له وثقتها في سياسته التي جذبت الأجانب وحفزتهم على إنشاء وكالات تجارية لهم في المدن العُمانية وخصوصاً مسقط التي أصبحت سنة 1790م من أهم المدن الآسيوية وفقا لتقرير أعدته شركة الهند الشرقية الإنجليزية.
حاول نادر شاه بعد أن حرر بلاده من الأفغان، تدعيم مركز فارس في الخليج، مستفيدا دون شك من حالة التمزق التي كانت تعيشها القوة الأولى في منطقة الخليج ألا وهي عُمان.. كما أن المساعدات التي قدمتها الدول الأوروبية كانجلترا وهولندا لنادر شاه أسهمت دون شك في بناء أسطول فارسي قوي على أحدث طراز.
ولقد واجه الأسطول الفارسي في عهد نادر شاه مشاكل عديدة منها اعتماده بالدرجة الاولى على المساعدات الأجنبية في بنائه، وكذلك افتقاره إلى وجود الخبرات المحلية المتمرسة في فنون الملاحة مما دفع بقيادة الفرس إلى الاستعانة بالبحارة العرب لقيادة هذا الأسطول، إلا أن كثير من المؤرخين يجمعون على أن نادر شاه استطاع مواجهة تلك الصعوبات نتيجة لإصراره على بناء أسطول حديث يخدم أهداف سياسته الخارجية، ولهذا فقد ارتبطت قوة الأسطول الفارسي بحياة نادر شاه إلى حد بعيد. وقد تزامن اغتيال نادر شاه في عام (1160هـ / 1747م) ببروز شخصية الإمام احمد بن سعيد الذي تطلع منذ بداية حكمه إلى تدعيم دور عُمان في منطقة الخليج، ولذلك اصطدمت سياسة الإمام أحمد في المنطقة بسياسة كريم خان زند الذي خلف نادر شاه على عرش فارس، حيث حاول هذا الأخير بعد أن نجح في توطيد حكمة في الداخل، السير على منهج سلفه نادر شاه التوسعي في منطقة الخليج.
ومن هذا المنطلق بعث كريم خان برسالة إلى الإمام احمد طالبا منه دفع الجزية السنوية، متعللا بما يدعيه بتبعية عُمان إلى فارس، ولكن الإمام أحمد بن سعيد رفض المطالب الفارسية بأسلوب رجال السياسة المتمرسين الذين يعرفون كيفية مخاطبة التطلعات الاستعمارية، فنجده يعلن بأسلوب ملؤه الإصرار والثقة بالنفس بأن بلاده ترفض المطالب الفارسية جملة وتفصيلا، وضمن ذلك في خطاب ذي لهجة قوية أرسله إلى كريم خان زند، جاء فيه بأن دولة عُمان لا تدفع الجزية لأحد، مشيراً إلى انه إذا ما أصر كريم خان على مطالبه فان عليه أن ينتزعها بالقوة.
ولم يكتف الإمام احمد برفض الطلب الفارسي بخطاب شديد اللهجة، بل شرع في التخطيط لاستخدام القوة التي قد يلجأ إليها عدوه، وذلك عن طريق عقد التحالفات مع خصوم الفرس وخاصة الأتراك، وذلك بهدف ضرب قوة كريم خان الزندي، وقد لعب الإمام دورا فعالاًُ في إفشال الحصار الذي ضربة كريم خان الزندي على البصرة، وعلى ضوء ذلك قرر السلطان العثماني مصطفى الثالث صرف مكافأة سنوية للإمام أحمد، تدفع له من خزانة البصرة، تقديراً من السلطان لموقف الإمام الشجاع.
فقد كان الصراع الدولي ولا يزال صراعاً من اجل الحصول على مناطق للنفوذ والامتيازات، ولذلك لا غرابة من احتدام صراع الدول الكبرى آنذاك (بريطانيا العظمى وفرنسا) حول عُمان ذات الموقع الاستراتيجي المتميز، من اجل ضمها إلى مناطق نفوذها. ولقد فطن الإمام احمد بن سعيد إلى هذه التطلعات الاستعمارية الأوربية، فرسم سياسة خارجية لعُمان مرتكزة بالدرجة الاولى على مبدأ الحياد، ولقد كتب لهذه السياسة كل النجاح عندما كانت العلاقات الفرنسية البريطانية تتميز بالاستقرار، ولكن هذا الحياد تعرض لبعض الهزات، خاصة عندما نشبت حرب السنوات السبع (1170 – 1177هـ / 1756 – 1763م) بين البلدين، ففي هذه الفترة بدأت سفن البلدين تطارد كل منهما الأخرى بالقرب من المياه العُمانية.
وقد ظهرت أولى بوادر الإحراج لعُمان عام (1175 هـ / 1761م) عندما حاول الكونت ديستان الانتقام من الإنجليز بمحاولة الإضرار بتجارتهم في الخليج، حيث تجاهل الكونت ديستان القوانين العُمانية وحاول ملاحقة إحدى السفن البريطانية في داخل المياه الإقليمية العُمانية، مما اضطر الوالي خلفان بن محمد إلى إطلاق النار على الباخرة بولوني التابعة للفرنسيين وإجبارها على الابتعاد، وذلك في محاولة منه لحماية الباخرة البريطانية.
وبالرغم من تكرار حالات الإحراج من العُمانيين الذين اضطروا إلى إطلاق الرصاص على السفن الفرنسية خلال عدت مناسبات، إلا أن هذا التصرف العُماني لا يعكس بأي حال من الأحوال ترجيح عُمان للكفة البريطانية بقدر ما يعكس رغبتها في الحفاظ على حيادها وسيادتها، خصوصاً وان السفن البريطانية كانت عادة ما تكون داخل المياه الإقليمية لعُمان: صحيح أن البريطانيين كانوا قد دعموا مركزهم في منطقة الخليج عقب خروج البرتغاليين والهولنديين وكسبوا أيضاً ثقة بعض القوى المحلية لكن الإمام احمد كما يبدو، وعلى الرغم من إدراكه للموقف البريطاني الخاص في المنطقة، كان مؤمناً بأهمية الصداقة مع فرنسا، حيث وردت في إحدى رسائل الإمام إلى الفرنسيين بعد هذه الحوادث المحرجة، العبارة الودية التالية ( إنني صديق الفرنسيين ).
والجدير بالذكر أن الإمام احمد بن سعيد كان أول من بدأ التعامل التجاري مع جزيرة موريشيوس الخاضعة لفرنسا وبعض المستعمرات الفرنسية الأخرى، حيث كانت السفن تأتي محملة بالسكر وتعود وهي محملة بالسمك المملح والبن.
ونتيجة لتطور العلاقات التجارية بين عُمان والمستعمرات الفرنسية في المحيط الهندي في تلك الفترة، فقد أبدى الإمام احمد بن سعيد رغبته في أن ينشئ الفرنسيون لهم وكالة خاصة في ميناء مسقط دون مقابل، وقد أكد الإمام هذه الرغبة لأحد المسؤولين الفرنسيين قائلاً إن بلادي هي بلادكم وصداقتنا باقية كما كانت بل أنها أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى وعندما زار هذا المسؤول مسقط حضي باستقبال حافل فيها، مما دفعه إلى حث حكومته في التقرير الذي رفعه لتعزيز علاقاتها بمسقط. ويبدو أن حكومة فرنسا لم تكن متحمسة لإقامة وكاله تجارية في مسقط وقتئذ، لكنها وتحت إصرار القنصل الفرنسي في بغداد، وكذلك حاكم موريشيوس، قررت إنشاء قنصليتين أحداهما في البصرة والأخرى في مسقط في عام 1793 أي بعد ثلاثة أعوام من الثورة الفرنسية، وقد جاء في الكتاب الذي بعث به وزير الخارجية الفرنسي إلى قنصل فرنسا في بغداد الآتي: (إن رغبة إمام عُمان في اعتماد وكيل لديه، وملاحظتكم عن الفوائد التي ستعود على رعايا صاحب الجلالة في الملاحة والتجارة، وعن تسهيل الاتصال بالهند، كل ذلك جعلنا نقرر إقامة وكالة في مسقط ).
وهكذا نرى أن سياسة الحياد التي دفع بها الإمام أحمد بن سعيد والتي سمح بموجبها لسفن الدول الكبرى بزيارة موانئ عُمان والمتاجرة معها، أسهمت في تعزيز مكانة عُمان التجارية التي انعكست دون شك على الوضع الاقتصادي للبلاد. وقد تعززت مكانتها أكثر بعد أن قدمت العون الفوري إلى البصرة لإنقاذها من السيطرة الفارسية.
كان موت الإمام أحمد بن سعيد خسارة كبرى بالنسبة لعُمان وأهلها وتولى الإمامة بعده ابنه سعيد بن أحمد، ولم تبين لنا المصادر التاريخية الصفة التي تولى بها سعيد الإمامة بعد أبيه، هل كان ذلك بولاية العهد له؟ أم باتفاق من العلماء؟
ونظرا لأن الإمام سعيد كان زاهداً في الحكم والإدارة فقد تولى ابنه حمد زمام الأمور واتخذ من مسقط مقرا للحكم، بينما بقي والده سعيد في الرستاق. ومع مضي الأيام تزايدت قوة ونفوذ حمد حتى أصبحت السلطة الفعلية في يده.
ومن أعماله التي ذكرتها وثائق التاريخ أنه بنى برجاً على البحر عند المدخل إلى ميناء مسقط وزوده بمدافع كبيرة رغبة منه في تحصين هذه المدينة. كما بنى قلعة بيت الفلج في روي وعزز حصن بركاء بمدافع ضخمة للدفاع عن المدينة ضد أي هجوم خارجي، كما أمر بصنع باخرة في زنجبار سميت باسم الرحماني التي اشتهر أمرها في عهد الدولة البوسعيدية نظرا لضخامتها وبديع صنعها.
وبعد موته آلت إلى السيد سلطان بن أحمد بن سعيد أمور الحكم التي كان يتولاها حمد، في نفس الوقت الذي كان لا يزال فيه سعيد قائما في الرستاق، ولم تلبث أمور البلاد أن خلصت للسيد سلطان بعد موت أخيه سعيد بن أحمد، وساس الناس سياسة محمودة وسار على وتيرة أبيه الإمام أحمد بن سعيد وزاد في بذل المال فكان لا يرد سائلا، ولا يدخر عن قومه شيئا يستطيع بذله لهم، فأحبه الناس ووقروه واحترموه.
واجه السيد سلطان بن الإمام أحمد بن سعيد – وهو أول من تلقب بهذا اللقب من أولاد الإمام – بعض المشاكل الداخلية والحروب القبلية ولكنه تغلب عليها بسياسته وقوة جيشه، وما لبث أن توجه إلى البناء الداخلي، فقام بتحصين مدينة مسقط وذلك ببناء قلعة ضخمة على أرض الرابية لتكون حصنا لهذه المدينة، كما بنى البرج المقابل لها، والبرج الشرقي الجنوبي، وذلك في ثلاثة أشهر، وبذلك تم تحصين مدينة مسقط تحصينا كاملا. ثم التفت إلى داخل هذه المدينة فبنى فيها قصرا ضخما وهو بيت العلم الذي بني على أرضه قصر العلم الحالي وجعله مقره الخاص، وبنى حصن الفليج في الواحة المعروفة بهذا الاسم وهي واحة الفليج والتي تقع على الطريق بين بركاء ومسقط، وجعل هذا الحصن مقرا للعائلة بعيدا عن العواصف والحروب والتقلبات السياسية ولذلك أسكنه بعض أهله وكان كثيرا ما يتردد عليه ويقيم فيه بعيدا عن السياسة ومشاكل الحكم.
اتجهت أنظار السيد سلطان بن أحمد بعد ذلك إلى خارج عُمان حيث راح يسترد أملاكها التي ضاعت في غفلة من الزمن، ولذلك نراه يشن حملات يستعيد بها جزائر قسم ( القشم ) وهرمز والبحرين. ويبدو أن السيد سلطان فعل ذلك اتقاء لأخطار عدة منها الخطر الفارسي والخطر الأوربي وكذلك الوهابي الذي اطل على عُمان في تلك الفترة، وفي ذلك يذكر الشيخ سالم بن حمود السيابي أن الوهابيين غزوا عُمان في تلك الأيام، وتحالفوا مع أهل البحرين ولذلك كان من الضروري أن يفرض السيد سلطان نفوذه على هذه الجزر، ففتحها وولى عليها الولاة، ولم يلبث أن بسط نفوذه على الموانئ الهامة في ساحل مكران واستولى على ميناءي شهبار وجواذر مما أدى إلى توثيق الصلات بين عُمان وبلوخستان، وازدياد هجرة البلوش إلى عُمان بأعداد كبيرة. وقد أمن السيد سلطان بلاده باستيلائه أيضا على ميناء بندر عباس وذلك بفضل البحرية العُمانية القوية . فقد ذكرت المراجع أن أسطول عُمان في عهده زاد عدد سفنه عن 500 سفينة كانت حمولتها تتراوح بين 250و 1000 طن عدا 100 سفينة أخرى يمتلكها أهل صور، ويبدو أن هذه السفن كانت سفنا تعمل في التجارة والقتال أيضا إذا لزم الأمر، ذلك أن المراجع أشارت إلى أن السفن الكبيرة المخصصة للقتال وحده لم تزد على ثلاث.
ونظراً لقوة الأسطول العُماني وقوة الجيش الذي كان لا يقل عدد جنده عن 12 ألف مقاتل تمكن السيد سلطان بن أحمد من رد عادية الوهابيين، واسترد نفوذه في البحرين بعد أن كان أشياخها قد دبروا حيلة أخرجوا بها الوالي العُماني واستعانوا بالوهابيين وحالفوهم ودخلوا تحت طاعتهم.
وإزاء الصراع الدولي الذي كان قائما في تلك الفترة بين الفرنسيين والإنجليز في مياه المحيط الهندي والخليج، رأى السيد سلطان أن يستفيد من هذا الصراع لمصلحة بلاده خاصة وأن كلا الطرفين حاول أن يوطد علاقته بعُمان ضد الطرف الأخر، وقد انتهى هذا الأمر إلى إبرام اتفاقية بين السيد سلطان وبين الإنجليز في (جمادى الأولى 1213 هـ / أكتوبر 1798م) متخلياً عن صداقته للفرنسيين لأسباب عده، منها اعتماد عُمان على الهند التي تسيطر عليها بريطانيا في ذلك الحين في مؤونتها من الأرز – وهو الغذاء لمعظم سكان شبه جزيرة العرب – وتكرار اعتداءات القراصنة الفرنسيين على السفن العُمانية، وأخيرا قلق أمراء وحكام شبه جزيرة العرب ومنهم حكام عُمان بطبيعة الحال من ازدياد النفوذ الفرنسي بعد احتلال الفرنسيين لمصر في 1213 هـ / 1798 م.
ورغم ذلك فان هذه المعاهدة لم توضع موضع التنفيذ الكامل في كثير من شروطها لان السيد سلطان بن احمد لم يقطع في الواقع علاقته التجارية بالفرنسيين في جزيرة موريشيوس ولم يكن في وسعه أن يمنع أصحاب السفن العُمانيين من ذلك، كما أن قطع هذه العلاقات التجارية كان ضارا بمصالح رعاياه، والنتيجة الهامة التي ترتبت على هذه الاتفاقية هي قبول ممثل سياسي بريطاني في عاصمة عُمان للمرة الأولى وذلك في عام 1215هـ/ 1800م.
وهكذا وازن السيد سلطان بن أحمد في سياسته الخارجية بين التطلعات البريطانية والفرنسية في منطقة الخليج، كما دعم نفوذه في هذه المنطقة حرصاً منه على أمن وسلامة الخليج، باعتباره بلده عُمان دولة بحرية تجارية. وفي نهاية هذا الجهاد الدائم وقع السيد سلطان بن احمد قتيلا في (14 شعبان 1219 – 30 نوفمبر 1804م) على يد بعض القراصنة أثناء رحلة بحرية كان يقوم بها بين البصرة وعُمان. وخلفه في حكم عُمان ابنه الشهير السيد سعيد بن سلطان.
يعتبر عصر السيد سعيد بن سلطان وهو – حفيد مؤسس أسرة البوسعيد الحاكمة في عُمان – من أزهى العصور التي مرت بعُمان خلال القرن التاسع عشر إن لم يكن أكثرها ازدهارا رغم الصعوبات الكثيرة التي واجهته في بناء الدولة، ويرى المؤرخون أن السيد سعيد بن سلطان هو بلا شك من ابرز الشخصيات في أسرة البوسعيد التي لعبت دورا في تاريخ عُمان والخليج وشرق إفريقيا، لا بل من الشخصيات الهامة جداً في تاريخ العرب الحديث والمعاصر للاعتبارات التالية:
1- اتساع نفوذ الدولة العُمانية بشكل لم تشهده من قبل بحيث أصبحت كافة المناطق الواقعة بين بندر عباس على الساحل الشرقي للخليج العربي إلى ميناء زنجبار على الساحل الشرقي لأفريقيا منطقة نفوذ عُمان، هذا بالإضافة إلى أن العديد من الجزر الواقعة في مدخل الخليج والمحاذية للساحل الشرقي للخليج وكذلك إلى جزر بحر العرب والمحيط الهندي بما فيها أرخبيل جزر القمر كانت تحت النفوذ العُماني.
2- المركز المرموق الذي احتله السلطان السيد سعيد بن سلطان في المجال الدولي والاحترام الذي كان يتميز به بين حكام أوروبا وآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة في ذلك العصر، هذا بالإضافة إلى شعبيته الواسعة بين أفراد وطنه.
3- استقرار الحكم العُماني رغم المطامع والمؤامرات الأجنبية، ففي الوقت الذي كانت الصراعات العربية – العربية مستمرة على سواحل الخليج، وفي الوقت الذي شهدت فيه الجزيرة العربية حروبا دائمة بين محمد علي باشا والحركة السلفية، وما كان يتعرض له السيد سعيد بن سلطان من تصادم المطامع البريطانية والفرنسية الفارسية، فان السيد سعيد عمل على المحافظة على استقلال بلاده بتوازن دقيق مستخدماً الدبلوماسية أكثر من القوة العسكرية من اجل الوصول إلى أهدافه. فقد اقتضت الظروف التوقيع على اتفاقيات تجارية مع فرنسا والولايات المتحدة وهولندا والبرتغال. وكانت سياسات السيد سعيد المستندة على البراعة الدبلوماسية والمبادئ الواقعية قد جعلت عُمان من اكبر الدول العربية وأكثرها نفوذا على الإطلاق طيلة فترة حكمه.
4- قوة الاقتصاد العُماني المستندة إلى التقدم وتطور التجارة العُمانية التي كانت تعتمد هي الأخرى على أسطول تجاري ضخم تسانده قوة بحرية متميزة، فبالإضافة إلى التجارة العُمانية الواسعة مع الصين وجنوب شرق آسيا والهند وسيلان وإيران، فان السيد سعيد بن سلطان قد طور وبشكل واسع اقتصاديات شرق أفريقيا لدرجة انه في النصف الثاني من فترة حكمه كان الكثير من واردات عُمان يأتي من أفريقيا. ونتيجة لجهود السيد سعيد بن سلطان في الاهتمام بالبحرية العُمانية.
أصبح الأسطول العُماني الحربي والتجاري في الخليج والمحيط الهندي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر ثاني اكبر أسطول على الإطلاق ويأتي في المرتبة الثانية بعد الأسطول البريطاني. وكان لهذا الأسطول الضخم قواعد رئيسية على الساحل الشرقي للخليج في موانئ بندر عباس وجزر قشم وهرمز ولارك، بالإضافة إلى الساحل العُماني الذي كانت موانيه عامرة بسفن الأسطول، أما على الساحل الأفريقي فكان لعُمان قواعد بحرية في ممباسة ولامو وكلوة ومركه ومقديشو وزنجبار.
وكان للسيد سعيد بن سلطان، الذي حكم أكثر من نصف قرن دولة واسعة في الخليج والمحيط الهندي، ينتقل بين ممتلكاتها في عُمان والساحل الأفريقي، ويقضي وقتاً طويلاً على ظهر السفن يتفقد بلدان هذه الدولة الشاسعة الأطراف، وفي السنوات الأخيرة من حكمه كان يفضل قضاء أطول مده ممكنة في زنجبار حتى يتمكن من الإشراف على الممتلكات العُمانية في ساحل أفريقيا.. وكانت له علاقات واسعة جدا مع زعماء القبائل الأفريقية وملوك المقاطعات والجزر العديدة التي لم يتمكن من السيطرة عليها مثل مدغشقر وغيرها، ولذلك كان القول المأثور: إذا قرعت طبول السلطان في زنجبار يرقص عليه ابنا البحيرات الأفريقية.
ورغم القوة البحرية التي كانت تحت إمرته فقد اتصف بالحذر الشديد، فاقتصر تواجده على السواحل ولم يغامر بالتوسع في الداخل سواء كان ذلك على الساحل الشرقي للخليج أو بالنسبة للساحل الأفريقي. ولكن التجار العُمانيين توغلوا في داخل أفريقيا ووصلوا إلى ما يعرف حاليا بأواسط كينيا والبحيرات الأفريقية، وتاجروا مع الأهالي ونشروا الإسلام وكانوا أول جسر ثقافي ربط بين العرب وأفريقيا الاستوائية.
وان كان السيد سعيد بن سلطان قد استطاع أن يكون هذه الدولة الواسعة، واستطاع أن يؤسس أسطولا تجاريا وحربيا قوياً تمكن من خلاله المحافظة على هذه الدولة، فانه أيضاً تمكن من إقامة علاقات دولية قوية سواء مع مصر أو مع بعض الدول الأوربية أو مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالنسبة لعلاقات السيد سعيد بن سلطان بمصر وحاكمها محمد علي، فقد اتصفت العلاقات بين الرجلين بالتقدير المشترك غير المندفع، ورغم أن الرجلين كانا في مواجهة مع النشاط الوهابي في الجزيرة العربية ألا أن الرسائل المتبادلة بين السيد سعيد ومحمد علي كانت قليلة، وان كانت قد عبرت عن إعجاب السيد سعيد بالبناء الحديث للدولة الذي أقامها محمد علي في مصر، كما عبرت عن وجود رغبة لدى السيد سعيد في إقامة علاقات أوثق مع باشا مصر.
وأما علاقة السيد سعيد بن سلطان بالدول الأجنبية، فقد تمثلت في ترحيبه بعقد اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية عام 1249هـ / 1833م، وفي ترحيبه بوجود قنصل أمريكي في السلطنة، كما تمثلت تلك العلاقات في عقد معاهدة بين السلطنة وبريطانيا في ربيع الأول 1255هـ/ مايو 1839م تعلقت معظم نصوصها بتنظيم التجارة والملاحة بين البلدين، وتقديم التسهيلات البحرية للسفن البريطانية في موانئ السلطنة.
كما تمثلت علاقات السلطنة الخارجية كذلك في عقد معاهدة تجارية مع فرنسا عام 1260هــ / 1844م حصلت فرنسا بمقتضاها على نفس الامتيازات التجارية والقضائية التي نصت عليها معاهدة عام 1255هــ / 1839م مع بريطانيا العظمى.
ولم يرفض السيد سعيد بن سلطان طيلة فترة حكمه أي عرض تقدمت به أي دولة إقليمية أو دولية لعقد المعاهدات والاتفاقيات التجارية، فكان يفضل التجارة على أي شي آخر، وعندما طلبت منه الدول الأوربية وخصوصا بريطانيا تحريم تجارة العبيد في ممتلكاته والمساهمة معها في محاربة هذه التجارة في كافة إرجاء الخليج والمحيط الهندي، فانه قبل بهذا العرض وحرم تجارة العبيد التي كانت تدر على بعض التجار أرباحا هائلة، وحارب بقوة نشاطات القراصنة من مختلف الجنسيات الأوربية الذين كانوا يمارسون تجارة العبيد. وكان لموقف السيد سعيد هذا ردود فعل ايجابية في الرأي العام العالمي يومئذ، فقد اثنت الصحف البريطانية كما أشاد مجلس العمــوم البريطاني بمجهود السيد سعيد في مجال محاربة تجارة العبيد ومراعاته لحقوق الإنسان. وبالنسبة للنشاط الاقتصادي الأمريكي، فقد اجتذبت عُمان اهتمام الأمريكيين في الثلث الأول من القرن التاسع عشر لوقوع عُمان في طريق الهند والشرق الأقصى، ولأنها كانت مركزا للعلاقات مع بقية أقطار الوطن العربي وإيران وأفريقيا، وفي شرق أفريقيا بالذات.
ادخل السلطان السيد سعيد بن سلطان زراعة القرنفل في زنجبار واعتبره محصولاً تجارياً حيث انشأ عدة مزارع على الأرض الإفريقية للمتاجرة مع الأفارقة، كما قدم مساعدات ذات اثر كبير في نجاح رحلات المستكشفين الأوربيين الذين مارسوا عمليات الكشف داخل إفريقيا خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر.
وكان تطوير القسم الإفريقي للدولة العُمانية في عهد السيد سعيد بن سلطان عامل جذب للقوى الأجنبية لكي تسعى إلى تقوية علاقاتها بالسلطنة ككل، ولتحصل على متاجر زنجبار بصفة خاصة وكانت الولايات المتحدة الأمريكية أولى القوى الأجنبية في التطلع إلى فتح أسواق زنجبار أمام التجار الأمريكان لبيع السلع الأمريكية من ناحية، ولشراء المنتجات والسلع في الشق الإفريقي من الجولة من ناحية أخرى.
وقد بدأت مقدمات العلاقات التجارية بين عُمان والولايات المتحدة الأمريكية حينما زار التاجر الأمريكي (أدموند روبرتس) Edmond Roberts الذي ينتمي إلى نيوهامبشير زنجبار في عام 1243هـ / 1827م، متطلعاً إلى تحقيق كسب مادي كبير هناك، ولكنه لم يجد التسهيلات التي كان يلقاها البريطانيون الذين كانوا أصدقاء للسيد سعيد بن سلطان. ومن ثم عاد إلى الولايات المتحدة الأمريكية يحمل فكرة عقد معاهدة مع الحكومة العُمانية لكي تروج التجارة الأمريكية في ممتلكاتها. وقد وافق الرئيس الأمريكي (اندرو جاكسون) Andrew Jackson على فكرة عقد معاهدة تجارية بين الولايات المتحدة وعُمان، وعهد إلى ادموند روبرتس بإرجاء المفاوضات اللازمة والتوصل إلى المعاهدة المنشودة وكان وصول السفينة الأمريكية (بيكويك) حاملة بعثة روبرتس إلى مسقط دليلاً ليس فقط على الاهتمام الأمريكي بكل من آسيا وإفريقيا، بل أيضا لكون عُمان دولة ذات أهمية بارزة لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
ولذلك تم توقيع المعاهدة التجارية بين عُمان والولايات المتحدة في جمادى الأولى (1249هـ / الحادي والعشرين من سبتمبر 1833م)، وكانت أول اتفاقية يعقدها السيد سعيد بن سلطان مع دولة كبرى. وقد صارت هذه الاتفاقية المثل الذي سارت على منواله معاهدات عُمان مع بريطانيا عام (1255هـ / 1839م) ومع فرنسا عام (1260هـ / 1844م).
وقد ظلت الاتفاقية الأمريكية العُمانية سارية المفعول حتى عام (1378هـ / 1958م) حين بطل مفعولها واستبدلت بمعاهدة جديدة للصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية بين الطرفين وبموجب هذه الاتفاقية تمتع الأمريكيون بامتيازات اقتصادية وقضائية في ممتلكات السلطان العربية الأفريقية حيث صار التجار الأمريكيون يتاجرون في أراضي عُمان الواسعة وينزلون في موانيها ويدفعون 5% فقط رسوماً على البضائع التي كانوا يجلبونها إلى الموانئ العُمانية ويعفون من دفع أية ضرائب أخرى على الصادرات والواردات، ويعفون كذلك من رسوم الإرشاد الملاحي في موانئ عُمان، كما صار من حق القنصل الأمريكي في عُمان فض المنازعات التي تنشأ بين رعايا دولته، ونصت المعاهدة كذلك على حق قنصل عُمان في الفصل في القضايا بين رعايا دولته في الولايات المتحدة.
وتمشياً مع السياسة الودية بين الإمبراطورية العُمانية والولايات المتحدة بدأت بمعاهدة الصداقة والتجارة التي عقدت بين البلدين عام (1249هـ / 1833م)، فقد بعث السيد سعيد سفينته المسماة (سلطانه) في رحلة إلى ميناء نيويورك الأمريكي عام (1256هـ / 1840م)، لتقوية العلاقات مع الولايات المتحدة، للمتاجرة وشراء الأسلحة التي كان في حاجة إليها أثناء صراعه ضد الوجود البرتغالي في موزنبيق وقد تولى قيادة هذه السفينة ربان بريطاني يدعى (وليام سليمان) William Soliman، واختار السيد سعيد أمين سره الخاص الحاج احمد بن نعُمان ليكون ممثلا له في الولايات المتحدة، بل أول مبعوث عربي إلى الولايات المتحدة
وتتويجاً لعلاقة السيد سعيد الحميمة مع إفريقيا فقد قرر الإقامة في زنجبار بوصفها العاصمة الثانية لدولته المترامية يعد قرارا خطيرا وخصوصا أن المسافة بين العاصمتين تبلغ 2500 ميل والوصول من عُمان إلى زنجبار تحكمه حركة الرياح الموسمية
وعلى أية حال فانه كان من المستحيل أن تسيطر حكومة عُمان سيطرة فعلية على ممتلكاتها البعيدة في شرق إفريقيا إلا بإتخذها ذلك القرار. وكانت سياسة السيد سعيد الرامية إلى تدعيم نفوذه في ممتلكاته الجديدة، أهم الأسباب التي دعته إلى نقل بلاطه من بلاد العرب إلى زنجبار في سنة 1248هـ / 1832م، حيث ظل مقيما بها بقية حياته.
على أن السيد سعيد كان يعمل على تسيير دفة الأمور الخاصة بعُمان وهو بعيد عنها، فكان يضطر كثيرا لمغادرة زنجبار لمواجهة المشاكل الناجمة في عُمان وحلها ورغم انه أقام فترة طويلة في زنجبار، فقد ظلت زنجبار طيلة الحكم الطويل للسيد سعيد تابعة لمسقط رسمياً.
وتجدر الإشارة إلى انه قبل عصر السيد سعيد كان معظم سكان جزيرة زنجبار من السواحلية ولكن في ظل الدولة الجديدة كثرت وفود العرب للإقامة فيها، ذلك أن السيد سعيد كان قد شجع هؤلاء العرب على الهجرة إلى بيمبا وزنجبار.
ولاشك أن الدافع الاقتصادي كان أقوى الدوافع التي جعلت السيد سعيد يفضل الإقامة بصفة دائمة في جزيرة زنجبار، والواقع انه لم يكن هناك مكان آخر في إمبراطورية السيد سعيد أكثر ملائمة لتنفيذ سياسته الاقتصادية من هذه الجزيرة.
ولذلك انتقل إليها ولم ينتقل إلى ممباسة أو كلوة أو غيرها من المدن الهامة في شرق أفريقيا.وعلى أية حال فقد أكد السيد سعيد منذ البداية بأن التنمية الاقتصادية تعنيه كما يعنيه استتباب نظام الحكم والأمن والاستقرار، ومن المرجح أن يكون أول من ادخل زراعة القرنفل إلى زنجبار وتطويرها حتى أصبحت في أواخر القرن التاسع عشر من أهم المنتجين على مستوى العالم.
وكانت وفاة السلطان سعيد ( في العشرين من صفر 1273هـ / التاسع عشر من أكتوبر من عام 1856م ) نهاية لعهد حاكم عربي بارز، ومهما يكن من أمر، فلا يزال عهده يعتبر مرحلة ماجدة في إطار الحضارة التقليدية للمنطقة ونظامها الديناميكي القديم، إلا أن النفوذ البريطاني وعملية التحديث للمنطقة أثرا على البناء السياسي العام الذي أقامه، وبمعنى آخر لم يكن هناك بين أبناء السلطان سعيد من يتمتع بالكفاءة والتأييد السياسي الكافي الذي يؤهله لحكم السلطنة العربية الأفريقية والحفاظ على وحدتها مثلما كان الحال في عهد والدهم رغم أن السلطان سعيد كان قد عين اثنين من أنجاله نائبين عنه في كل من الجزء الأفريقي – زنجبار – والجزء الآسيوي – عُمان – أثناء الفترات الطـويلة التي يتغيب فيها عن الحكم. ومنذ عام (1249هـ / 1833م) كان (ثويني) ينوب عن والده في العاصمة مسقط، بينما الابن الثاني (ماجد) ينوب منذ عام (1271هـ / 1854م) عن والده في زنجبار، وقد أصبح لكل منهما نفوذ واسع في المنطقة التي كان يحكمها، ولكن ليس بالدرجة التي تمكنه من ضم الجزء الآخر إلى حيز نفوذه، كما لا يبدو أن السلطان سعيد قد رشح احد أبنائه ليخلفه في الحكم بعد وفاته.
ولذلك ظل الصراع بين أبناء السلطان سعيد من السمات المميزة للتاريخ العُماني على امتداد بقية القرن التاسع عشر، علما بأنهم كانوا قادرين بالاستخدام الذكي للإمكانيات الاقتصادية والسياسية التي كانت لديهم على أن يحافظوا على دولتهم بشطريها العربي والأفريقي.
ونتيجة للاضطرابات السياسية التي اجتاحت عُمان بعد وفاة السلطان سعيد، نشبت الحرب الأهلية للاستيلاء على السلطة بين ورثة السلطان المتوفى تلك الحرب التي أخذت تهدد الدولة العُمانية بشطريها الآسيوي والأفريقي بالتمزق والانهيار، وخاصة بعد أن استغلت الدول الأجنبية الطامعة ذلك الخلاف والصراع الذي نشب بين الأخوين ثويني وماجد.
وقد لعبت كل من بريطانيا وفرنسا دورا متفاوتا في استغلال هذا الخلاف بين هذين الأخوين فقد تحركت قواتهما العسكرية والمسـؤولون السياسيون البريطانيون والفرنسيون على الفور لتحقيق مكاسب لمصالح بلدانهم، وقد بذلوا في ذلك جهداً كبيراً وتنقلوا بين مسقط وزنجبار بغرض الحماية والوصاية، وكانوا في حقيقة الأمر يشجعون الخلافات بين الأخوين في وقت كانوا يظهرون فيه على أنهم يبذلون سعيهم وراء التوسط لحل المشاكل.
وكان الخلاف حول كسب الموقف في أشده بين بريطانيا وفرنسا، فقد حشدتا قوات وأساطيل على السواحل العُمانية والأفريقية، وأظهرتا عطفا كل على الطرف الأخر من المتنازعين، مشجعين إياهما على الاندفاع أكثر على كسب المواقف الشخصية. والثابت أن أطماع البلدين في شرق أفريقيا كان واضحا حيث حاولا مرارا إيجاد موطئ قدم لهما على الساحلين الأفريقي والعربي، واستعملا أساليب في نشر الإشاعات والأكاذيب والافتراءات التي لا تمت للحقيقة بصلة للحيلولة دون اتفاق الإخوة على وحدة الكلمة.
وقد اتهموا السلطان الراحل على انه اعد مستندات أصولية لتقسيم الإمبراطورية وتوزيعها بين أبنائه حيث أكدوا أن السلطان أوصى لخالد وبالتالي لابنه ماجد بأرضي زنجبار مستقلة عن الوطن الأم عُمان. وحقيقة الأمر أن هناك أدله قاطعة تدحض أن يكون السلطان الراحل قد وقع أية وصية من ذلك النوع، وكانت الأمور تسير سيرا طبيعيا بين الإخوة، ولكن التدخلات الأجنبية خلقت عدم الثقة والريبة في كل عمل يصدر عن الأخر.
ومهما كان الأمر فقد كانت انجلترا تؤيد تقسيم السلطنة وتعارض فكرة ضم ممتلكات ثويني إلى ممتلكات ماجد، ولذلك وقفت بجانب الأخير متذرعة بأن أية حرب بين الأخوين سوف تشكل خطرا على مصالحها في الطريق البحري إلى الهند. وقد حاول ثويني بالفعل إعادة توحيد السلطنة وبدأ في إعداد حملة سنة 1276هـ / 1859م لإرسالها إلى زنجبار، ألا أن السلطات البريطانية في الهند أسرعت بإرسال الكولونيل رسل Russel وهو احد ضباط البحرية الهندي لكي يوقف تقدم الحملة، واستطاع رسل أن يصل في الوقت المناسب مما اضطر ثويني إلى التراجع إلى مسقط بعد أن أغلق الأسطول البريطاني الطريق في وجهه.
ولم يقف الأمر عند حد تقديم المعونة البريطانية للسيد ماجد، بل حاولت بريطانيا أن تحل النزاع بين مسقط وزنجبار بطريقة يقبلها الطرفان، أو يرغمان على قبولها إذا استدعى الأمر ذلك. فتدخلت في ذلك النزاع الناشب بين مسقط وزنجبار بما يحقق في النهاية الهدوء والسلام بينهما، لان غير ذلك قد يؤثر على المصالح البريطانية في الطريق الموصل إلى إمبراطوريتها في الهند، ونتيجة لذلك أرسلت الحكومة البريطانية بعثة إلى كل من مسقط وزنجبار في عام (1277هـ / 1860م) بهدف التحقيق في أسباب النزاع القائم بين البلدين، وقد رأس هذه البعثة الكولونيل كوجلان Coghlan المقيم السياسي في عدن وكان من نتيجة الأعمال والدراسات التي قامت بها البعثة، إنها ذكرت أن الطريقة التي يتولى بها سلاطين أسرة البوسعيد الحكم، إنما تقوم على أساس الانتخاب، وانه عقب وفاة السيد سعيد بن سلطان فان أهل زنجبار انتخبوا ابنه السيد ماجد حاكما عليهم، وعلى ذلك فليس هناك مبرر لمطالب السيد ثويني في السيطرة على ممتلكات أخيه، وينبغي إذن أن يبقى كل منهما سلطانا في مكانه.
وهكذا قدمت البعثة تقريرها إلى اللورد كاننج Canning الحاكم العام للهند، والذي استند عليه في وضع التحكيم المشهور عام (1278هـ / 1861م ) . وطبقا لهذا التحكيم فقد تم إقرار السيد ماجد في منصبه كحاكم على زنجبار والممتلكات الأفريقية الأخرى خلفا للسيد سعيد، كما نص التحكيم على أن يدفع حاكم زنجبار (40,000 ريال) سنوياً لحاكم مسقط، هذا بالإضافة إلى دفع المتأخرات المستحقة عليه من العامين الأخيرين.
كما نص التحكيم أيضا على انه لا ينبغي لحكام مسقط أو لقبائل عُمان التدخل في شؤون زنجبار، كما أوضح كاننج بأن هذا المبلغ الذي يدفعه حاكم زنجبار إلى حاكم مسقط لا يعني أية تبعية من جانب زنجبار لمسقط، وإنما قصد به تحقيق المساواة بين ميراثي الأخوين، لان أراضي زنجبار أكثر غنى من أراضي مسقط.
وهكذا ونتيجة التحكيم أصبحت العلاقة بين زنجبار ومسقط علاقة مالية فقط، أي انه كان على زنجبار أن تدفع تلك الإعانة السنوية لمسقط، وبخلاف ذلك أضحت العلاقات واهية بين قسمي السلطنة السابقة.
ويلاحظ أن الطابع الأفريقي اخذ يغلب على سلطنة زنجبار في عهد السيد ماجد نتيجة لانقطاع الصلة بالوطن ألام، وقد ساعدت سياسة ماجد على تحقيق هذه النتيجة، فقد اتخذ بعض الإجراءات التي أدت إلى إضعاف الصلات بين زنجبار ومسقط ففي عام (1281هـ / 1864م) منعت سفن مسقط من الملاحة في مياه زنجبار إلا إذا أبرزت أوراقا تثبت أنها تتجر في سلع شرعية، كما كتب إلى مشايخ الخليج بأن لا يرسلوا سفنهم بعد ذلك إلى زنجبار، كما حرم السيد ماجد على سكان زنجبار تأجير المساكن للتجار العرب الآتين من شبه الجزيرة العربية، وأخيراً أوقف السيد ماجد الهدايا التقليدية التي كان يقدمها السلاطين لقبائل عُمان، مما يدل على انصرافه نهائيا عن فكرة توحيد السلطنة التي أقامها والده السيد سعيد بن سلطان.
ولقد كانت عملية تقسيم الإمبراطورية العُمانية هي التي أثارت المشكلات، لان عدم دفع زنجبار الإعانة السنوية لمسقط جعل الأخيرة غير قادرة على دفع قيمة إيجار بندر عباس إلى فارس، مما حدا بفارس إلى محاولة استعادة هذا الميناء ثم محاولة القيام بنشاط بحري واسع في الخليج.. وكان من نتائج ذلك تزايد وتكريس النفوذ البريطاني في المنطقة
الجدير بالذكر أن السيد تركي والسيد برغش أصبحا على علاقة ودية طيبة منذ الوقت الذي تعهدت فيه الحكومة البريطانية بضمان دفع معونة زنجبار، وقد أدت هذه العلاقة الودية إلى أن اقترح السيد تركي فعلا في سنة (1297 هـ/1880 م) أن يتنازل عن حكم عُمان لليسد برغش
وقد انزعجت حكومة الهند لهذه الأنباء أيما انزعاج وأرسلت إلى روس المقيم البريطاني في الخليج لتحري هذا الأمر، ورد عليها أنه قد تم فعلا اتصالات ومفاوضات بين السيد تركي والسيد برغش، وأن هذا الموضوع أصبح سائدا بين الناس، فأصدرت حكومة الهند تعليماتها لوكيلها السياسي بأنها ستتدخل في حالة وقوع محاولة لإعادة الوحدة بين عُمان وزنجبار. وهذا يوضح لنا مدى تخوف بريطانيا من اتحاد الدولة العُمانية مرة أخرى ، ويبدو أن بريطانيا ضغطت على السيد تركي حتى لا يتنازل عن حكم عُمان ، لأنها كانت تعلم أنه من الممكن أن يتخلى فعلا عن الحكم ، لأن له سابقة في ذلك عندما ترك الأمر لأخيه عبد العزيز . وبذلك قضى على آخر أمل في امكان إقامة تلك السلطنة الأفريقية العربية مرة أخرى
استمر الشقيقان بعد أن فشلت فكرة الاتحاد على علاقة طيبة وكانا يتبادلان الهدايا، فقد أهدى السيد برغش شقيقه في سنة (1302 هـ / 1884 م) 22 ألف ربيه كمعونة في مواجهة الحركات الداخلية في عُمان في العام السابق ، وفي سنة (1304 هـ / 1886 م) أهداه السفينة البخارية (سلطاني) واليخت (دار السلام)، وفي منتصف عام (1305 هـ / مارس سنة 1888 م) قام برغش بزيارة عُمان وقضى أسبوعا في ينابيع بوشر الحارة أملا في أن يتخلص من مرض أصابه وعامله تركي بمودة واحترام كبيرين ، وتلقى منهم بعد ذلك هدية قدرها خمسون ألف ربية، ومات الشقيقان بعد ثلاثة أشهر من لقائهما الأخير
وقد شهدت الفترة الأخيرة من حكم السيد تركي هدوءا حتى وفاته عام (1306 هـ / 1888 م ) بعد أن ترك وراءه مملكة تتميز بقدر من التنظيم والاستقرار وقد هيأ لابنه وولي عهده السيد فيصل أن يتولى مقاليد الحكم في جو سلمي
وقد تولى السلطان السيد فيصل بن تركي حكم عُمان في فترة شهد فيها العالم العربي موجة من ازدياد النفوذ الاستعماري الأوربي وبخاصة البريطاني والفرنسي، حيث احتلت بريطانيا وفرنسا العديد من أجزاء الوطن العربي أو أصبح تحت نفوذهما والقليل من الدول أفلتت من هذا الغزو الاستعماري ومن بينها عُمان حيث تمكن السيد فيصل بن تركي من أن يدير دفة الحكم وسط هذه الأجواء، كما أولى اهتمامه للوضع الداخلي بهدف تقوية الجبهة الداخلية.. ومن أجل ذلك كون جيشا قويا جعل قيادته لأخيه فهد الذي قام بأكثر من حملة لتوطيد الأمن في ربوع عُمان
وقد اتسمت سياسة السلطان السيد فيصل بن تركي بالتوازن في علاقة عُمان بكل من بريطانيا وفرنسا.. في عام (1312هـ / 1984 م) وافق عل إنشاء قنصلية فرنسية في مسقط كما أعطى للفرنسيين امتيازا بإنشاء مستودع للفحم في منطقة الجصة في عام (1316هـ / 1898م)، وعندما علمت بريطانيا بذلك أرسلت المقيم السياسي في الخليج كولونيل (ميد) إلى مسقط مبعوثا من نائب الملك في الهند ثم تبعه الأدميرال (دو غلاس)، وبعد مقابلتهما للسيد فيصل انتهى النقاش إلى أن لعُمان الحق في الارتباط بعلاقات خارجية مع أية دولة من الدول، وأن عُمان على استعداد لعقد معاهدات تجارية وود وصداقة مع بريطانيا، واستمر حكم السيد فيصل حتى وافته المنية في (شهر ذي القعدة 1331هـ / اكتوبر عام 1913 م) ليخلفه ابنه الأكبر تيمور.
تولى السلطان السيد تيمور دفة الحكم في ظروف صعبة على المستويين الداخلي والخارجي حيث شهدت عُمان صراعات داخلية كما أن شبح الحرب العالمية الأولى (1332- 1337هـ / 1914- 1918م ) اخذ يلوح في الأفق والأزمة الاقتصادية العالمية تكاد تخنق معظم الدول.
وقد حاول السلطان السيد تيمور أن يتجنب كل ما يمكن تجنبه من هذه المصاعب والازمات، فحاول أن يخلق نوعاً من الاستقرار السياسي الذي يترتب عليه تحسين الوضع الاقتصادي ، ولهذا بادر بعقد اتفاقية السيب في (عام 1339هـ / 1920م) حفاضاً على استقرار عُمان.
وفي أعقاب الحرب العالمية الاولى أخذت التجارة العُمانية تنتعش من جديد، ألا أنها تعرضت لأزمة بسبب الكساد الاقتصادي الذي ساد العالم بعد الحرب العالمية الاولى، كما قام السيد تيمور بإصلاح الوضع الاقتصادي بأن استقدم ثلاثة من الخبراء المصريين لتطوير نظام الجمارك في مسقط، كما شكل أول مجلس للوزراء في تاريخ عُمان برئاسة السيد نادر بن فيصل، ولم يلبث أن عين ولده السيد سعيد رئيسا لمجلس الوزراء وذلك منذ عام (1348هـ / 1929م).
ومن الأحداث في عهد السيد تيمور، توقيع أول اتفاق بين عُمان وشركة داركي لتنقيب عن النفط في السلطنة في (عام 1344هـ / 1925م)، إلا أنه لم يتم اكتشاف أي من آبار البترول في عهده الذي امتد حتى (عام 1351هـ / 1932م) حيث تنازل في ذلك العام عن الحكم لولده السيد سعيد، وذلك لأسباب صحية ألمت به.
ومع تولي السلطان السيد سعيد بن تيمور الحكم كان العالم يعاني معاناة شديدة من وطأة الأزمة الاقتصادية التي تجتاحه، لذلك اختط لنفسه سياسة مالية اتسمت بعدم تحميل البلاد بما لا تطيق من الديون، لان الديون هي مكمن الداء حيث تخلق وضعاً يسمح بالتدخل في شؤون البلاد من قبل الدول الدائنة، لذلك قرر بأن ينفق في حدود دولته، والتزم بتسديد ما على الدولة من ديون
كما اتخذ خطوات لتدعيم علاقاته الخارجية، فقام بجولة في عام (1356 هـ / 1937م) زار فيها اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، واجتمع مع رئيسها روزفلت (1352- 1365 هـ / 1933- 1945م) الذي استقبله وتبادل معه الهدايا ،فكان أول حاكم عربي يزور الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها سافر إلى بريطانيا حيث استقبله ملكها جورج الخامس ، ثم انتقل إلى فرنسا فايطاليا وأخيراً الهند الذي عاد منها إلى مسقط. وفي (عام 1363هـ / 1944م) قام برحلة إلى مصر واستقبله ملكها فاروق، ثم زار القدس عاصمة فلسطين.
تميز عهد السلطان السيد سعيد بن تيمور بالأحداث الآتية
اولاً: حل الخلافات التي كانت قائمة مع المملكة العربية السعودية حول واحة البريمي.
ثانياً: منح شركة تنمية نفط عُمان امتياز التنقيب عن النفط في السلطنة. وفعلا تم اكتشاف النفط وبدأ تصديره منذ (جمادى الأولى عام 1388هـ / أغسطس عام 1968م). وقد وفر الحدث الأول الهدوء بالنسبة للجبهة الداخلية كما وفر الحدث الثاني الدعم المالي لنهضة شاملة لم تلبث أن بدأت في عهد ولده جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم فيما يعرف بعصر النهضة العُمانية الحديثة.
ثالثاً : قيام التمرد الأول الذي نشأ عنه حرب الجبل الأخضر وإحكام السيطرة عليه.
رابعاً: حرب ظفار التي استمرت حتى عهد جلالة السلطان قابوس حيث تمكن من إخمادها وانتصار القائد الشاب وشعبه العريق في ملحمة وطنية تتوجت بإعلان يوم 11 ديسمبر 1975م عيداً للنصر ويوماً للقوات المسلحة.
المصدر/ موقع وزارة الخارجية العمانية: http://mofa.gov.om/?p=353